فصل: تفسير الآية رقم (1):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (4):

{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)}
{تَظَاهَرَا} {مَوْلاهُ} {صَالِحُ} {الْمَلائِكَةُ}
(4)- وَجَّهَ اللهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ خِطَابَهُ الكَرِيمَ إِلَى زَوْجَتي النَّبِيِّ اللَّتينِ تَظَاهَرَتَا عَلَيهِ (وَهُمَا حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ) فَقَالَ لَهُمَا: إِنْ تَتُوبَا مِنْ ذَنْبِكُمَا، وَتُقْلِعَا عَنْ مُخَالَفَةِ الرَّسُولِ، تَكُنْ قُلُوبُكُمَا قَدْ مَالَتْ إِلَى الخَيْرِ، وَتَكُونَا قَدْ أَدَّيْتُمَا مَا يَجِبُ عَلَيْكُمَا نَحْوَ رَسُولِ اللهِ مِنْ إِجْلالٍ واحْتِرَامٍ، وَتَكْرِيمٍ لِمَقَامِهِ الكَرِيمِ.
صَغَتْ قُلُوبُكُمَا- مَالَتْ إِلَى الخَيْرِ.
تَظَاهَرَا- تَتَعَاوَنَا عَلَيْهِ بِمَا يَسُوؤُهُ.
ظَهِيرٌ- مُعِينٌ وَمُظَاهِرٌ.
مَوْلاهُ- نَاصِرُهُ وَوَلِيُّهُ.

.تفسير الآية رقم (5):

{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)}
{أَزْوَاجاً} {مُسْلِمَاتٍ} {مُّؤْمِنَاتٍ} {قَانِتَاتٍ} {تَائِبَاتٍ} {عَابِدَاتٍ} {سَائِحَاتٍ} {ثَيِّبَاتٍ}
(5)- ثُمَّ حَذَّرَهُمَا اللهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ إِذَا طَلَّقَهُنَّ فَإِنَّ اللهَ قَدْ يُبْدِلُهُ خَيْراً مِنْهُنَّ إِسْلاماً وَإِيمَاناً وَمُوَاظَبَةً عَلَى العِبَادَةِ، وَإِقْلاعاً عَنِ الذُّنْوبِ، وَسَمْعاً لأَوَامِرِ الرَّسُولِ، بَعْضُهُنَّ ثَيِّبَاتٌ سَبَقَ لَهُنَّ الزَّوَاجُ، وَبَعْضُهُنَّ أَبْكَارٌ لَمْ يَسْبِقْ لأَحَدٍ الزَّوَاجُ مِنْهُنَّ.
قَانِتَاتٍ- مُطِيعَاتٍ خَاضِعَاتٍ للهِ.
سَائِحَاتٍ- صَائِمَاتٍ أَوْ مُهَاجِرَاتٍ.

.تفسير الآية رقم (6):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {مَلائِكَةٌ}
(6)- يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، اعْمَلُوا بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى، وَاتَّقُوا مَعْصَيَتَهُ، وَأمُرُوا أَهْلَكُمْ بِالذّكْرِ والتَّقْوَى، وَعَلِّمُوهُمْ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيهِمْ، وَمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، وَأمُرُوهُمْ بِطَاعَةِ اللهِ لِتُنقِذُوهُمْ وَأَنْفُسَكُمْ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، التِي يَكُونُ وَقُودُهَا النَّاسُ مِنَ الكَفَرَةِ، وَالحِجَارَةُ، وَتَقُومُ عَلَيهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ عَلَى أَهْلِ النَّارِ، أَشِدَّاءُ عَلَيهِمْ، لا يُخَالِفُونَ رَبَّهُمْ فِي أَمْرٍ بِهِ، وَيُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ.
قوا أَنْفُسَكُمْ- جَنِّبُوا أَنْفُسَكُم النَّارَ بِطَاعَةِ اللهِ.
غِلاظٌ شِدَادٌ- قُسَاةٌ أَقْوِيَاءُ- وَهُمُ الزَّبَانِيَةُ.

.تفسير الآية رقم (7):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
{ياأيها}
(7)- وَيُقَالُ لِلْكَافِرِينَ حِينَمَا يُقْذَفُونَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامَةِ: لا تَعْتَذِرُوا عَنْ كُفْرِكُمْ، وَعَمَلِكُمْ السَّيِّئِ، فَقَدْ فَاتَ أَوَانُ الإعْتَذَارِ، وَلاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ، إِنَّكُمْ إِنَّمَا تُلاقُونَ الجَزَاءَ الأَوْفَى عَلَى أَعْمَالِكُم التِي عَمِلْتُمُوهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا.

.تفسير الآية رقم (8):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}
{ياأيها} {جَنَّاتٍ} {الأنهار} {آمَنُواْ} {بِأَيْمَانِهِمْ}
(8)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَتُوبُوا تَوْبَةً صَادِقَةً جَازِمَةً تَمْحُو مَا سَبَقَهَا مِنَ السَّيِّئَاتِ.
وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ فَقَالَ: «هُوَ النَّدَمُ عَلَى الذَّنْبِ حِينَ يَفْرُطُ مِنْكَ، فَتَسْتَغْفِرُ الله بِنَدَامَتِكَ مِنْهُ عِنْدَ الحَاضِرِ، ثُمَّ لا تَعُودُ إِليهِ أَبداً». أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
ثُمَّ يُبَيِّنُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ إِنْ تَابُوا تَوْبَةً نَصُوحاً تَابَ اللهُ عَليهِمْ، وَغَفَرَ لَهُمْ، وَأَدخَلَهُمْ بِرَحْمَتِهِ جَنَّاتٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَنَبَاتِهَا فِي يَوْمِ القِيَامَةِ. وَهُوَ اليومُ الذِي يَرْفَعُ الله فِيهِ قَدْرَ رَسُولِهِ الكَرِيمِ، وَقَدْرَ المُؤْمِنينَ مَعَهُ. وَيَجْعَلُ نُورَهُمْ فِي ذَلِكَ اليَومِ يَسْعَى بَينَ أَيْدِيهِمْ، حِينَ يَمْشُونَ وَكُتُبُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَيَسْأَلُونَ رَبَّهُمْ أَنْ يُبْقِي لَهُمْ نُورَهُمْ، فَلا يَطْفِئُهُ حَتَّى يجُوزُوا الصِّرَاطَ بِهِ، وَيَسْتَغْفِرُونَ رَبَّهُمْ مِنْ ذُنُوبِهِم السَّالِفَةِ، وََيَقُولُونَ: رَبَّنَا العَظِيمَ إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَلا يُعْجِزُكَ شَيءٌ.
تَوْبَةً نَصُوحاً- تَوْبَةً خَالِصَةً صَادِقَةً- أَوْ مَقْبُولَةً.
لا يُخْزِي اللهُ- لا يُذِلُّ، بَلْ يُعِزُّ رَسُولَهُ وَيَكْرِمُهُ.

.تفسير الآية رقم (9):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)}
{ياأيها} {جَاهِدِ} {المنافقين} {مَأْوَاهُمْ}
(9)- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ الذِينَ يَقِفُونَ فِي طَرِيقِ انتِشَارِ الدَّعْوَةِ الإِسْلامِيَّةِ بِالسَّلاحِ، وَحَارِبْهُمْ حَرْباً لا هَوادَةَ فِيهَا، وَجَاهِدِ المُنَافِقِينَ، الذِينَ يَتَظَاهَرُونَ بِالإِسَلامِ وَقُلُوبُهُمْ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى الكُفر وَالشَّكِّ والرِّيبَةِ، وَيُقُومُونَ بِالدَّسِ وَالوَقِيعَةِ والتَّثْبِيطِ بَيْنَ المُؤْمِنِينَ، وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ بِالقَوْلِ وَالإِنْذَارِ، وَافْصَحْهُمْ، وَبَيِّنْ لَهُمْ سُوءَ مَصِيرِهِمْ وَمُنْقَلبِهِمْ فِي الآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُمْ وَيَرْجِعْ إِلَى اللهِ مُسْتَغْفِراً مُنِيباً، فَإِنَّ مَصِيرَهُ سَيَكُونُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَسَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمَصِيراً.
أغْلُظْ عَلَيْهِمْ- شَدِّدْ وَاقسُ عَلَيهِمْ.

.تفسير الآية رقم (10):

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
{امرأت} {صَالِحَيْنِ} {الداخلين}
(10)- يَضْرِبُ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً لِحَالِ الكُفَّارِ وَالمُنَافِقِينَ الذِينَ يُخالِطُونَ المُسْلِمِينَ، وَيُعَاشِرُونَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَنْتَفِعُونَ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ المُؤْمِنُونَ المُخْلِصُونَ مِنَ العِظَاتِ والدَّلائِلِ وَالبَرَاهِينِ، بِحَالِ امْرَأَةِ نُوحٍ وَامْرَأَةِ لُوطٍ، فَقَدْ كَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجَةً لِنَبِّيٍّ صَالِحٍ مِنْ أَنْبِياءِ اللهِ، وَلَكِنَّهُمَا لَمْ تَنْفِعَا بِمَا كَانَا يَدْعُوَانِ إِليْهِ مِنَ الخَيْرِ وَالهُدَى وَالإِيْمَانِ بِاللهِ تَعَالَى، وَعَمِلَتَا أَعْمَالاً تَدُلُّ على الخِيَانَةِ وَالكُفْرِ، فَاتَّهَمَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ زَوجَهَا بِالجُنُونِ، وَكَانَتْ إمْرَأَةُ لُوطٍ تُرْشِدُ قَوْمَهَا إِلَى ضُيُوفِ زَوْجِهَا لِيَفْعَلُوا مَعَهُمْ الخَبَائِثَ، فَأَهْلَكَهُمَا اللهُ مَعَ قَوْمِهِمَا، وَسَيَكُونُ مَصِيرُهُمَا النَّارَ فِي الآخِرَةِ، وَلَنْ يَنْفَعَهُمَا قُرْبُهُمَا مِنْ نَبِيَّينِ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ، وَلا انْتِسَابُهُمَا إِليهِمَا، وَيُقَالُ لَهُمَا: ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ إِليهَا.
فَخَانَتَاهُمَا- بِالنِّفَاقِ والنَّمِيمَةِ.
فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا- فَلَمْ يَدْفُعَا عَنْهُمَا وَلَمْ يَمْنَعَا عَنْهُمَا.

.تفسير الآية رقم (11):

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)}
{آمَنُواْ} {امرأت} {الظالمين}
(11)- وَهَذَا مَثَلٌ آخَرُ ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَنَّهُمْ لا تَضُرُّهُمْ مُخَالَطَةُ الكَافِرِينَ إِذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِليهِمْ، فَقَدْ كَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ مُؤْمِنَةً مُخْلِصَةً للهِ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ طَاغِيَةً جَبَّاراً، فَمَا ضَرَّ امْرأَتَهُ كُفْرُ زَوْجِهَا حِينَ أَطَاعَتْ رَبَّهَا لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّ اللهَ حَكِيمٌ عَادِلٌ، لا يُؤَاخِذُ أَحَداً بِذَنْبِ غَيْرِهِ. وَقَدْ سَأَلَت امْرأَةُ فِرْعَوْنَ رَبَّهَا أَنْ يَجْعَلَهَا قَرِيبَةً مِنْ رَحْمَتِهِ، وَأَنْ يَبْنِيَ لَهَا عِنْدَهُ بَيتاً فِي الجَنَّةِ، وَأَنْ يُنْقِذَهَا مِنْ فِرْعَوْنَ وَأَعْمَالِهِ الخَبِيثَةِ، وَأَنْ يُنَجِّيهَا مِنْ قَوْمِهِ الظَّالِمِينَ.

.تفسير الآية رقم (12):

{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}
{ابنت} {عِمْرَانَ} {بِكَلِمَاتِ} {القانتين}
(12)- وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً آخَرَ لِلَّذِينَ آمَنُوا حَالَ مَرْيَمَ ابنة عِمْرَانَ، وَمَا أُوتِيَتْ مِنْ كَرَامَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فاصْطَفَاهَا اللهُ رَبُّهَا، وَأَرْسَلَ إِليهَا مَلَكاً كَرِيماً مَنْ مَلائِكَتِهِ تَمَثَّلَ لَهَا فِي صَورَةِ بَشَرٍ دَخَلَ عَلَيهَا، وَهِيَ فِي خَلْوَتِهَا، فَاسْتَعَاذَتْ بِاللهِ مِنْ شَرِّهِ، فَبَشَّرَهَا بِأَنَّهَا سَيَكُونُ لَهَا وَلَدٌ يُولَدُ بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ، وَيَكُونَ نِبِيّاً كَرِيماً.
وَنَفَخَ فِيهَا المَلَكُ مِنْ رُوحِ اللهِ فَحَمَلَتْ بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلامُ، وَصَدَّقَتْ مَرْيَمُ بِشَرَائِعِ اللهِ، وَبِكُتُبِهِ التِي أَنْزَلَهَا عَلَى رُسُلِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَكَانَتْ فِي عِدَادِ القَانِتِينَ العَابِدِينَ المُطِيعِينَ للهِ تَعَالَى.
أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا- عَفَّتْ وَصَانَتْهُ مِنَ الرِّجَالِ.
مِنْ رَوحِنَا- رُوحاً مِنْ خَلْقِنَا بِلا تَوُسُّطٍ- أَيْ بِدُونِ أَبٍ.
مِنَ القَانِتِينَ- مِنَ القَوْمِ المُطِيعِينَ للهِ تَعَالَى.

.سورة الملك:

.تفسير الآية رقم (1):

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
{تَبَارَكَ}
(1)- يُمَجِّدُ اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ الكَرِيمَةَ، وَيُخْبِرُ عِبَادَهُ بِأنَّهُ المَالِكُ المُتَصَرِّفُ فِي جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ بِمَا يَشَاءُ، لا مُعَقِّبَ عَلَى حُكْمِهِ، وَلا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ، وَهُوَ ذُو قُدْرَةٍ عَلَى فِعْلِ كُلِّ شَيءٍ، لا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ.
تَبَارََكَ- تَعَالَى- وَتَمَجَّدَ، أَوْ تَكَاثَرَ خَيْرُهُ.
بِيَدِهِ المُلْكُ- بِيَدِهِ الأَمْرُ، وَهُوَ صَاحِبُ النَّهْيِ والسُّلْطَانِ.

.تفسير الآية رقم (2):

{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)}
{الحياة}
(2)- وَهُوَ الذِي أَوْجَدَ الخَلائِقَ مِنَ العَدَمِ، ثُمَّ خَلَقَ المَوْتَ الذِي تَنْعَدِمُ بِهِ الحَيَاةُ، لِيَقْهَرَ عِبَادَهُ، وَجَعَلَ لِكُلٍ مِنَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ مَوَاقِيتَ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ. وَقَدْ خَلَقَ اللهُ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَخْتَبِرَكُمْ، وَلِيَعْلَمَ أَيُّكُمْ يَكُونُ أَحْسَنَ عَمَلاً، وَأَكْثَرَ وَرعاً عَنْ مَحَارِمِ اللهِ، وَأَسْرَعَ فِي طَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَاللهُ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ الشَّدِيدُ الانْتِقَامِ مِمَّنْ عَصَاهُ، وَهُوَ الغَفُورُ لِذُنُوبِ مَنْ أَنَابَ إِليهِ.
خَلَقَ المَوْتَ- أَوْجَدَهُ أَوْ قَدَّرَهُ أَزَلاً.
لَيَبْلُوَكُمْ- لِيَخْتَبِرَكمْ فِيمَا بَينَ المَوْتِ وَالحَيَاةِ.
أَحْسَنُ عَمَلاً- أَصْوَبُهُ أَوْ أَكثَرُهُ إِخْلاصاً.

.تفسير الآية رقم (3):

{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3)}
{سَمَاوَاتٍ} {تَفَاوُتٍ}
(3)- وَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ (طِبَاقاً)، تَقُومُ كُلُّهَا وَفْقَ نِظَامٍ بَدِيعٍ، فَلا عَمَدَ، وَلا أَرْبِطَةَ تَشُدُّهَا وَتَرْبِطُ بَيْنَهَا، وَلا يَرَى النَّاظِرُ فِي خَلْقِ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ تَفَاوُتاً، وَلا خَلَلاً.
وَإِذَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ فِي شَكِّ وَرَيْبٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ لِيَرَى حَقِيقَةَ التَّنَاسُقِ وَالانْسِجَامِ القَائِمَيْنِ فِي خَلْقِهَا، فَإِنَّهُ لَنْ يَرَى فِيهَا خَلَلاً وَلا تَنَافُراً وَلا تَشَقُّقاً.
طِبَاقاً- كُلُّ سَمَاءٍ تَلُفُّ الأُخْرَى.
الفُطُورُ- الخَلَلُ أَوِ التَّشَقُّقُ.
التَفَاوُتُ- الاخْتِلافُ وَعَدَمُ التَّنَاسُبِ.